بحـث
المواضيع الأخيرة
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 32 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو علاء عبوشي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 117 مساهمة في هذا المنتدى في 108 موضوع
شبابنا في ظل التربية الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
شبابنا في ظل التربية الإسلامية
شبابنا في ظل التربية الإسلامية
مقدمة :
إنّ مرحلة الشباب مرحلة خطيرة جدّاً في حياة الإنسان ، وهي مرحلة تتخلّلها فترة المراهقة الحسّاسة ، وإن الحديث عنها والبحوث حولها عديدة ومكثّفة ، فلهذا ارتأينا تقسيم البحث في هذا الموضوع إلى عدّة فصول بحيث يخص كلّ واحد منها جانباً من جوانب التربية .
الفصل الأوّل : التربية الدينية والقرآنية :
إنّ الله تعالى خلق عباده وأودع فيهم مواهب وقدرات ، وخلق لهم السماء والأرض والبحار ، وسخّر لهم ما فيها جميعاً ، وأغدق على الإنسان نعمه المستفيضة ، ممّا يوجب طاعته والشكر له وعبادته ، وهو سبحانه القائل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) النور : 41 .
وإنّ العبادة تتّخذ أشكالاً منوّعة ، يؤدّيها كل مخلوق حسب خلقته وقدرته وإدراكه ، كما يفهم ذلك من قوله تعالى في الآية المتقدّمة : ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) .
والأفضل للمرء أن يتّجه إلى ربّه في كل الأمور ، يسيرها وعسيرها ، فيعوّد نفسه منذ صغر سنّه على الصلاة وإقامتها في أوقاتها ، في السرّ والعلانية ، ليحصل على أكثر قدر ممكن من الثواب باكتساب فضيلتها .
وقد حبّب الله عزَّ وجلَّ للمصلّين أن يقيموها في أوقاتها الشرعية المخصّصة لها ، وبيّن الباري لهم فضل ذلك وأجره ، إذ قال عزّ من قائل : ( وَأَقِمِ الصَّلوةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود : 114 .
وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( علّموا صبيانكم الصلاة ، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم ) .
كما أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) كان يعّود الصبيان والشباب على إقامة الصلاة في وقتها ، وذلك لكسب فضيلتها وأجرها ، إضافة إلى أجر الصلاة ذاتها .
وقد روي أنّه ( عليه السلام ) كان يأمر مَنْ عنده من الصبيان بأن يصلّوا الظهر والعصر في وقت واحد ، والمغرب والعشاء في وقت واحد ، فقيل له في ذلك فقال ( عليه السلام ) : ( هو أخفّ عليهم ، وأجدر أن يسارعوا إليها ولا يضيّعوها ، ولا يناموا عنها ، ولا يشتغلوا ) .
وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة ( المفروضة غير المستحبّة ) ، ويقول ( عليه السلام ) في هذه المجال : ( إذا طاقوا الصلاة فلا تؤخّروها عن المكتوبة ) .
أمّا في مسألة تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، فقد ورد عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزَّ وجلَّ مع السفرة الكرام البررة ) .
وينبغي أن نعي بأنّ الآباء لو ربّيا أبناءهم على ذكر الله عزَّ وجلّ ، وأداء الصلاة في أوقاتها ، والمواظبة على تلاوة القرآن الكريم ، فسيكون لهم عند الله جلّ وعلا أجراً عظيماً وثواباً كريماً .
وأنّ الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) قد حث الأبوين على تعليم أبنائهما المواظبة على تلاوة القرآن الكريم : ( ومن علّمه القرآن دعي بالأبوين فيُكسيان حلّتين ، يضيء من نورها وجوه أهل الجنّة ) .
الفصل الثاني : التربية النفسية والسلوكية :
يسعى الدين الإسلامي الحنيف إلى معالجة الأفراد معالجة نفسية ، وإعدادهم ليكونوا أعضاء صالحين نافعين في المجتمع الإسلامي .
وهو بذلك يرمي إلى غرس روح الثقة والاطمئنان والأمان والهدوء والراحة النفسية عند الإنسان ، خاصّة عندما يعده بالأجر والثواب والمغفرة وقبول التوبة والجنّة .
فعلى كل من الوالدين والأسرة والمعلّم والمجتمع والدولة والمتصدّين لعملية التربية ، أن يجتهدوا في زرع الثقة والطمأنينة في نفوس الأبناء .
فبذلك يتمكّنوا أن يحرّرونهم من تأثيرات الخوف والاضطراب والقلق والشعور بالدناءة والضعة ، وكل ما يؤدّي إلى سحق شخصيّاتهم وانهيارهم النفسي ، ليخرجوا إلى المجتمع الإسلامي صحيحين سالمين ، وذو شخصيات قادرة على أداء دورها المسؤول والنافع بأفضل صورة ممكنة .
وتفيد بحوث وتجارب المحلّلين النفسانيين والأطبّاء والعلماء وخبراء علم النفس وعلم الاجتماع ، بأنّ جانباً كبيراً من السلوك البشري يتكوّن من استجابة داخلية لمؤثّرات خارجية ، مثل المال والجنس والجاه وغير ذلك .
وأنّ ردّ الفعل المتكوّن عند الإنسان لكلّ منها إنّما يتحدّد بطبيعة ملكته النفسية ، وقدرته على مجابهة ما يشعر بضرره له ، فلا ينقاد إليه ، وعلى هذا يتحدّد موقفه من هذا المؤثّر أو ذاك .
ومّما يذكر أنّ تربية الإنسان المتوازنة نفسيّاً وأخلاقيّاً وسلوكيّاً لها أثرها الكبير على استقرار شخصيّته ، وسلامتها من الأمراض النفسية ، والعقد الاجتماعية والحالات العصبية الخطيرة ، وحالات القلق والخوف التي كثيراً ما تولّد لديه السلوك العدواني ، فينشأ فرداً مجرماً خبيثاً مضرّاً فاسداً في المجتمع .
والشريعة الإسلامية ترى بأنّ من أهم الأمور المؤدّية إلى طمأنينة النفس وارتقاء مستوى وعي الإنسان ، وبالتالي إلى توازنه النفسي والمعيشة في ظل الحياة الطيبة هو ذكر الله ، وذلك لأنّ الذكر كما ورد عن الإمام علي ( عليه السلام ) : ( الذكر نور العقل ، وحياة النفوس ، وجلاء الصدور ) .
ولهذا ورد في الدعاء الذي علّمه الإمام علي ( عليه السلام ) لكميل بن زياد ( رضوان الله عليه ) : ( اللهمّ اجعل لساني بذكرك لهجاً ، وقلبي بحبّك متيّما ) .
وذلك ليبقى الإنسان المؤمن في ظل ذكره لله عزَّ وجلَّ متمتّعاً بالصيانة التي تردعه عن ارتكاب ما يخل في توازنه النفسي أو اعتدال سلوكه .
الفصل الثالث : التربية العقلية والعلمية :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّ العلم حياة القلوب من الجهل ، وضياء الأبصار من الظلمة ، وقوّة الأبدان من الضعف ) .
وذكر الإمام علي ( عليه السلام ) في إحدى مراسلاته : ( إنّ قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته ، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا ) .
فالإنسان مخلوق عاقل مفكّر ، يستطيع أن يدرك الأشياء ويتعلّمها بوعي ، ويمكنه الاكتساب وتعلّم المعارف والعلوم بواسطة إدراكه لعالم الطبيعة عن طريق تأمّله في الكون وفيما خلق الله عزّ وجلّ .
وبالعلم والمعرفة تتحدّد شخصيّة الإنسان ، وتقوّم قيمته ، كما تقدّم في الحديث الذي مرّ ذكره عن الإمام علي ( عليه السلام ) .
وقد تصدّرت الأمم والمجتمعات مواقعها في التاريخ ، وسادت البشرية وتزعّمت قيادتها عن طريق العلم والمعرفة ، اللذين جلبا لها القوّة والقدرة العسكرية .
وقد أراد الله عزَّ وجلَّ بالعقل الذي وهبه للإنسان أن يصل به إلى العلم والمعرفة والكمال ، لينتفع به وينفع غيره ، وأن يكون رحمة للناس كافّة .
والله تبارك وتعالى مدح أهل العلم في قرآنه الكريم فقال مبيّناً فضلهم : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) الزمر : 9 .
وقال تعالى أيضاً : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) الزمر : 18 .
كما حثّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) المسلمين على طلب العلم والمعرفة ، فجعلها فريضة وواجباً على كلّ مسلم ومسلمة إذ قال : ( اطلبوا العلم ولو في الصين ... فإنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ) .
من هنا نرى أنّ واجب الوالدين ضمن النشاط الأسري لهما ووظيفة المعلّم خلال أدائه لواجبه الشريف هو تعريف الأولاد بحياة العلماء وأصحاب المعرفة السابقين ، الذين أرسوا قواعد العلم والمعرفة والفضيلة ووسائل الحضارة البشرية ، ونشروا العلم بمختلف صنوفه أينما حلّوا في هذه الدنيا .
وأن يتحدّثوا لهم عن تجاربهم وعلومهم وفضائلهم ، بأسلوب قصصي شيّق جميل يستميل رغبة الأولاد ويثير فيهم حب الاطّلاع على المجهول ، ويرسّخ في أذهانهم ونفوسهم حبّ العلم والمعرفة والاستطلاع والاستكشاف لنشر العلم والمعرفة بين الناس ، وتوضيح أثر وأهمّية العلم والعلماء للأولاد .
وأن يشجّعونهم على زيارة المتاحف ، للتعرّف على ما كان عليه أجدادنا ، وكذلك زيارة المعارض الحديثة للاطّلاع على معروضاتها الصناعية والعلمية .
وأن يغرسون في أنفسهم مطالعة الصحف والمجلاّت الإسلامية والكتب العلمية النافعة ، فيكون ذلك سبباً في توسيع مداركهم وتنمية عقولهم .
ونرى أنّ الواجب الذي يفرضه عصرنا الذي نعيش فيه ، والتقدّم الهائل والسريع الذي حدث فيه ، أن يتم تعليم الأولاد بممارسة الطرق والأساليب والآلات والأجهزة الحديثة للتعلّم واكتساب المعرفة .
والتي منها شبكات الإنترنت التي تتفاضل على سائر وسائل التعليم بالسرعة الفائقة ، والدقّة المتناهية ، وشموليّتها لمختلف المواضيع العلمية والأدبية والثقافية وغيرها .
الفصل الرابع : التربية الاجتماعية والخلقية :
قال الله عزّ وجلّ مادحاً رسوله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران : 159 .
بل أبعد من هذا فإنّه سبحانه وتعالى يشهد ويقرّر لرسوله الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم : 4 .
والرسول ( صلّى الله عليه وآله ) أيّد ذلك بقوله : ( أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ) ، وقال عن نفسه ( صلّى الله عليه وآله ) : ( بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ) .
وبقدر ما يقترن كمال الإنسان وسعادته بحسن خلقه وأدبه ، يقترن انحطاطه وشقاؤه بسوء خلقه وغلظة تعامله ، وقد ورد عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول في هذا : ( من ساء خُلقه عذب نفسه ) .
فنستكشف من هذا الحديث النبوي الشريف : أنّ هناك رابطة وعلاقة وطيدة بين تكوين الإنسان الداخلي وبين السعادة أو الشقاء اللذين يكتنفانه .
فمثلاً نرى الإنسان الحليم الكاظم لغيظه ومحبّ الخير لغيره كما يحبّه لنفسه ، والذي يحمل في قلبه الحبّ والحنان والعطف والرأفة والشفقة على غيره ، يكون ذلك كلّه مبعثاً لسعادته وبهجته وسروره واطمئنانه .
مقدمة :
إنّ مرحلة الشباب مرحلة خطيرة جدّاً في حياة الإنسان ، وهي مرحلة تتخلّلها فترة المراهقة الحسّاسة ، وإن الحديث عنها والبحوث حولها عديدة ومكثّفة ، فلهذا ارتأينا تقسيم البحث في هذا الموضوع إلى عدّة فصول بحيث يخص كلّ واحد منها جانباً من جوانب التربية .
الفصل الأوّل : التربية الدينية والقرآنية :
إنّ الله تعالى خلق عباده وأودع فيهم مواهب وقدرات ، وخلق لهم السماء والأرض والبحار ، وسخّر لهم ما فيها جميعاً ، وأغدق على الإنسان نعمه المستفيضة ، ممّا يوجب طاعته والشكر له وعبادته ، وهو سبحانه القائل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) النور : 41 .
وإنّ العبادة تتّخذ أشكالاً منوّعة ، يؤدّيها كل مخلوق حسب خلقته وقدرته وإدراكه ، كما يفهم ذلك من قوله تعالى في الآية المتقدّمة : ( كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) .
والأفضل للمرء أن يتّجه إلى ربّه في كل الأمور ، يسيرها وعسيرها ، فيعوّد نفسه منذ صغر سنّه على الصلاة وإقامتها في أوقاتها ، في السرّ والعلانية ، ليحصل على أكثر قدر ممكن من الثواب باكتساب فضيلتها .
وقد حبّب الله عزَّ وجلَّ للمصلّين أن يقيموها في أوقاتها الشرعية المخصّصة لها ، وبيّن الباري لهم فضل ذلك وأجره ، إذ قال عزّ من قائل : ( وَأَقِمِ الصَّلوةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود : 114 .
وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( علّموا صبيانكم الصلاة ، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم ) .
كما أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) كان يعّود الصبيان والشباب على إقامة الصلاة في وقتها ، وذلك لكسب فضيلتها وأجرها ، إضافة إلى أجر الصلاة ذاتها .
وقد روي أنّه ( عليه السلام ) كان يأمر مَنْ عنده من الصبيان بأن يصلّوا الظهر والعصر في وقت واحد ، والمغرب والعشاء في وقت واحد ، فقيل له في ذلك فقال ( عليه السلام ) : ( هو أخفّ عليهم ، وأجدر أن يسارعوا إليها ولا يضيّعوها ، ولا يناموا عنها ، ولا يشتغلوا ) .
وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة ( المفروضة غير المستحبّة ) ، ويقول ( عليه السلام ) في هذه المجال : ( إذا طاقوا الصلاة فلا تؤخّروها عن المكتوبة ) .
أمّا في مسألة تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، فقد ورد عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزَّ وجلَّ مع السفرة الكرام البررة ) .
وينبغي أن نعي بأنّ الآباء لو ربّيا أبناءهم على ذكر الله عزَّ وجلّ ، وأداء الصلاة في أوقاتها ، والمواظبة على تلاوة القرآن الكريم ، فسيكون لهم عند الله جلّ وعلا أجراً عظيماً وثواباً كريماً .
وأنّ الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) قد حث الأبوين على تعليم أبنائهما المواظبة على تلاوة القرآن الكريم : ( ومن علّمه القرآن دعي بالأبوين فيُكسيان حلّتين ، يضيء من نورها وجوه أهل الجنّة ) .
الفصل الثاني : التربية النفسية والسلوكية :
يسعى الدين الإسلامي الحنيف إلى معالجة الأفراد معالجة نفسية ، وإعدادهم ليكونوا أعضاء صالحين نافعين في المجتمع الإسلامي .
وهو بذلك يرمي إلى غرس روح الثقة والاطمئنان والأمان والهدوء والراحة النفسية عند الإنسان ، خاصّة عندما يعده بالأجر والثواب والمغفرة وقبول التوبة والجنّة .
فعلى كل من الوالدين والأسرة والمعلّم والمجتمع والدولة والمتصدّين لعملية التربية ، أن يجتهدوا في زرع الثقة والطمأنينة في نفوس الأبناء .
فبذلك يتمكّنوا أن يحرّرونهم من تأثيرات الخوف والاضطراب والقلق والشعور بالدناءة والضعة ، وكل ما يؤدّي إلى سحق شخصيّاتهم وانهيارهم النفسي ، ليخرجوا إلى المجتمع الإسلامي صحيحين سالمين ، وذو شخصيات قادرة على أداء دورها المسؤول والنافع بأفضل صورة ممكنة .
وتفيد بحوث وتجارب المحلّلين النفسانيين والأطبّاء والعلماء وخبراء علم النفس وعلم الاجتماع ، بأنّ جانباً كبيراً من السلوك البشري يتكوّن من استجابة داخلية لمؤثّرات خارجية ، مثل المال والجنس والجاه وغير ذلك .
وأنّ ردّ الفعل المتكوّن عند الإنسان لكلّ منها إنّما يتحدّد بطبيعة ملكته النفسية ، وقدرته على مجابهة ما يشعر بضرره له ، فلا ينقاد إليه ، وعلى هذا يتحدّد موقفه من هذا المؤثّر أو ذاك .
ومّما يذكر أنّ تربية الإنسان المتوازنة نفسيّاً وأخلاقيّاً وسلوكيّاً لها أثرها الكبير على استقرار شخصيّته ، وسلامتها من الأمراض النفسية ، والعقد الاجتماعية والحالات العصبية الخطيرة ، وحالات القلق والخوف التي كثيراً ما تولّد لديه السلوك العدواني ، فينشأ فرداً مجرماً خبيثاً مضرّاً فاسداً في المجتمع .
والشريعة الإسلامية ترى بأنّ من أهم الأمور المؤدّية إلى طمأنينة النفس وارتقاء مستوى وعي الإنسان ، وبالتالي إلى توازنه النفسي والمعيشة في ظل الحياة الطيبة هو ذكر الله ، وذلك لأنّ الذكر كما ورد عن الإمام علي ( عليه السلام ) : ( الذكر نور العقل ، وحياة النفوس ، وجلاء الصدور ) .
ولهذا ورد في الدعاء الذي علّمه الإمام علي ( عليه السلام ) لكميل بن زياد ( رضوان الله عليه ) : ( اللهمّ اجعل لساني بذكرك لهجاً ، وقلبي بحبّك متيّما ) .
وذلك ليبقى الإنسان المؤمن في ظل ذكره لله عزَّ وجلَّ متمتّعاً بالصيانة التي تردعه عن ارتكاب ما يخل في توازنه النفسي أو اعتدال سلوكه .
الفصل الثالث : التربية العقلية والعلمية :
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّ العلم حياة القلوب من الجهل ، وضياء الأبصار من الظلمة ، وقوّة الأبدان من الضعف ) .
وذكر الإمام علي ( عليه السلام ) في إحدى مراسلاته : ( إنّ قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته ، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا ) .
فالإنسان مخلوق عاقل مفكّر ، يستطيع أن يدرك الأشياء ويتعلّمها بوعي ، ويمكنه الاكتساب وتعلّم المعارف والعلوم بواسطة إدراكه لعالم الطبيعة عن طريق تأمّله في الكون وفيما خلق الله عزّ وجلّ .
وبالعلم والمعرفة تتحدّد شخصيّة الإنسان ، وتقوّم قيمته ، كما تقدّم في الحديث الذي مرّ ذكره عن الإمام علي ( عليه السلام ) .
وقد تصدّرت الأمم والمجتمعات مواقعها في التاريخ ، وسادت البشرية وتزعّمت قيادتها عن طريق العلم والمعرفة ، اللذين جلبا لها القوّة والقدرة العسكرية .
وقد أراد الله عزَّ وجلَّ بالعقل الذي وهبه للإنسان أن يصل به إلى العلم والمعرفة والكمال ، لينتفع به وينفع غيره ، وأن يكون رحمة للناس كافّة .
والله تبارك وتعالى مدح أهل العلم في قرآنه الكريم فقال مبيّناً فضلهم : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) الزمر : 9 .
وقال تعالى أيضاً : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) الزمر : 18 .
كما حثّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) المسلمين على طلب العلم والمعرفة ، فجعلها فريضة وواجباً على كلّ مسلم ومسلمة إذ قال : ( اطلبوا العلم ولو في الصين ... فإنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ) .
من هنا نرى أنّ واجب الوالدين ضمن النشاط الأسري لهما ووظيفة المعلّم خلال أدائه لواجبه الشريف هو تعريف الأولاد بحياة العلماء وأصحاب المعرفة السابقين ، الذين أرسوا قواعد العلم والمعرفة والفضيلة ووسائل الحضارة البشرية ، ونشروا العلم بمختلف صنوفه أينما حلّوا في هذه الدنيا .
وأن يتحدّثوا لهم عن تجاربهم وعلومهم وفضائلهم ، بأسلوب قصصي شيّق جميل يستميل رغبة الأولاد ويثير فيهم حب الاطّلاع على المجهول ، ويرسّخ في أذهانهم ونفوسهم حبّ العلم والمعرفة والاستطلاع والاستكشاف لنشر العلم والمعرفة بين الناس ، وتوضيح أثر وأهمّية العلم والعلماء للأولاد .
وأن يشجّعونهم على زيارة المتاحف ، للتعرّف على ما كان عليه أجدادنا ، وكذلك زيارة المعارض الحديثة للاطّلاع على معروضاتها الصناعية والعلمية .
وأن يغرسون في أنفسهم مطالعة الصحف والمجلاّت الإسلامية والكتب العلمية النافعة ، فيكون ذلك سبباً في توسيع مداركهم وتنمية عقولهم .
ونرى أنّ الواجب الذي يفرضه عصرنا الذي نعيش فيه ، والتقدّم الهائل والسريع الذي حدث فيه ، أن يتم تعليم الأولاد بممارسة الطرق والأساليب والآلات والأجهزة الحديثة للتعلّم واكتساب المعرفة .
والتي منها شبكات الإنترنت التي تتفاضل على سائر وسائل التعليم بالسرعة الفائقة ، والدقّة المتناهية ، وشموليّتها لمختلف المواضيع العلمية والأدبية والثقافية وغيرها .
الفصل الرابع : التربية الاجتماعية والخلقية :
قال الله عزّ وجلّ مادحاً رسوله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران : 159 .
بل أبعد من هذا فإنّه سبحانه وتعالى يشهد ويقرّر لرسوله الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم : 4 .
والرسول ( صلّى الله عليه وآله ) أيّد ذلك بقوله : ( أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ) ، وقال عن نفسه ( صلّى الله عليه وآله ) : ( بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق ) .
وبقدر ما يقترن كمال الإنسان وسعادته بحسن خلقه وأدبه ، يقترن انحطاطه وشقاؤه بسوء خلقه وغلظة تعامله ، وقد ورد عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول في هذا : ( من ساء خُلقه عذب نفسه ) .
فنستكشف من هذا الحديث النبوي الشريف : أنّ هناك رابطة وعلاقة وطيدة بين تكوين الإنسان الداخلي وبين السعادة أو الشقاء اللذين يكتنفانه .
فمثلاً نرى الإنسان الحليم الكاظم لغيظه ومحبّ الخير لغيره كما يحبّه لنفسه ، والذي يحمل في قلبه الحبّ والحنان والعطف والرأفة والشفقة على غيره ، يكون ذلك كلّه مبعثاً لسعادته وبهجته وسروره واطمئنانه .
Admin- Admin
- Number of posts : 108
Age : 30
الموقع : http://zezo.0forum.biz
Registration date : 22/03/2008
احلى عالم
سنوات الضياع: 50
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء يوليو 28, 2010 6:38 pm من طرف Admin
» قصيدة البارحه لـ رشيد الزلامي
الخميس ديسمبر 17, 2009 5:34 pm من طرف Admin
» قصيدة ليت الوجع بعروق قلبي ولا فيك
الخميس ديسمبر 17, 2009 5:32 pm من طرف Admin
» بعض الاسئلة واجوبتها
الأحد نوفمبر 15, 2009 3:00 pm من طرف Admin
» معلقة لبيد بن ربيعة العامري
السبت نوفمبر 14, 2009 7:12 pm من طرف Admin
» معلقة عمر بن كلثوم
السبت نوفمبر 14, 2009 7:09 pm من طرف Admin
» معلقة عمر بن كلثوم
السبت نوفمبر 14, 2009 7:09 pm من طرف Admin
» معلقة امرؤ القيس
السبت نوفمبر 14, 2009 7:05 pm من طرف Admin
» معلقة عنترة بن ابي شداد
السبت نوفمبر 14, 2009 7:03 pm من طرف Admin